whiteflower مشرف عام
عدد المساهمات : 304 العمل/الترفيه : Computer Maintenance المزاج : الكاراتيه الاوسمة :
الاوسمة :
| موضوع: كُلاً نُمِدُّ هؤلاءِ وهؤلاء الأربعاء أبريل 28, 2010 8:12 am | |
| ما أحوجنا إلى المثابرةِ واستثمارِ الوقت ، ومسابقةِ الأنفاسِ بالعملِ الصالحِ النافعِ المفيدِ ، إننا سوف نسعدُ يوم نقدِّم للآخرين نفعاً ووعياً وخدمة وثقافةً وحضارةً ، وسوف نسعدُ إذا علمْنا أننا لم نأتِ إلى الحياةِ سُدّى ، ولم نُخْلقْ عَبَثاً ، ولم نُوجدْ لعِباً . يوم تصفَّحتُ « الأعلام » للزركليِّ فوجدتُ تراجم شرقيين وغربيين ، ساسةً وعلماء ، وحكماء وأدباء وأطباء ، يجمعهم أنهم نابغون مؤثِّرون لامعون ، ووجدتُ في سِيرهم جميعاً سنة اللهِ في خلقِه ، ووعد اللهِ في عبادِه ، وهي أن من أحسن من أجل الدنيا وُفّي نصيبه من الدنيا ، من الذيوعِ والشهرةِ والانتشارِ ، وما يلحقُ ذلك من مالِ ومنصبٍ وإتحافٍ ، ومن أحسن للآخرةِ وجدها هنا وهناك ، من النفعِ والقبولِ والرضا والأجرِ والمثوبةِ : ﴿ كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً ﴾ . ووجدتُ في الكتابِ أيضاً أن هؤلاءِ العباقرةِ الذين قدَّموا للبشرية نفعاً ونتاجاً ولم يعملُوا للآخرة – وأخصُّ منهم غيْر المؤمنين باللهِ ولقائِه – وجدتُهم أسعدوا الناس أكثر من أنفسِهم ، وأفرحوا أرواح الآخرين أكثر من أرواحهِم ، فإذا بعضُهم ينتحرُ ، وبعضهم يثورُ من واقعِه ويغضبُ من حياتِهِ ، وآخرون منهم يعيشون بؤساً وضنْكاً . وسألتُ نفسي : ما هي الفائدةُ إذا سعد بي قومٌ وشقيت أنا ، وانتفع بي ملأٌ وحُرمِت أنا ؟! ووجدتُ أنَّ الله أعطى كلَّ أحدٍ من هؤلاءِ البارزين ما أراد ، تحقيقاً لوعدِه ، فجمْعٌ منهم حصل على جائزةِ نوبل ، لأنه أرادها وسعى لها ، ومنهم من تبوَّأ الصدارة في الشهرةِ ، لأنه بحث عنها وشغف بها ، ومنهم من وَجَدَ المال ، لأنه هام به وأجبَّه ، ومنهم عبادُ اللهِ الصالحون ، حصلُوا على ثوابِ الدنيا وحسنِ ثوابِ الآخرةِ – إنْ شاء اللهُ - ، يبتغون فضلاً من اللهِ ورِضْواناً . إنَّ من المعادلات الصحيحة المقبولة : أن المغمور السعيد الواثق من منهجِه وطريقِه ، أنعمُ حظّاً من اللامعِ الشهيرِ الشقيِّ بمبادئِه وفكرِهِ . إنَّ راعي الإبلِ المسلمِ في جزيرةِ العربِ أسعدُ حالاً بإسلامِه من « تولوستوي » الكاتب الروائي الشهيرِ ، لأن الأول قضى حياته مطمئناً راضياً ساكناً يعرفُ مصيرَهُ ومنقلبه ، والثاني عاش ممزَّق الإرادةِ ، مبعثر الجهدِ ، لم يبردْ غليلُه من مرادِه ، ولا يعرفْ مستقبلهُ . عند المسلمين أعظمُ دواءٍ عرفتْه البشريةُ ، وأجلُّ علاجٍ اكتشفتْه الإنسانيةُ . إنه الإيمانُ بالقضاءِ والقدرِ ، حتى قال بعضُ الحكماءِ : لن يسعد في الحياةِ كافرٌ بالقضاءِ والقدرِ . وقد أعدتُ عليك هذا المعنى كثيراً ، وعرضتُه لك في أساليب شتَّى ، وأنا على عمْد ، لأنني أعرفُ من نفسي ومن كثير مثلي أننا نؤمنُ بالقضاءِ والقدرِ فيما نحبُّه ، وقد نتسخَّطُ عليه فيما نكرهُهُ ، ولذلك كان شرطُ الملَّةِ وميثاقُ الوحيِ : (( أن تؤمن بالقدرِ خيرِه وشره ، حلوِه ومرِّه ))
| |
|