نعم يا عبد رمضان ..
إن من تعبد قد مضى وأفل .. فانظر ماذا تعبد من دون الله ؟؟
فإن كنت عبد لله فتب إلى الله وجدد التوحيد والنية واستغفر لذنبك والزم مقام العبودية !!
لا حول ولا قوة إلا بالله .. المشاهد متباينة .. والصور معكوسة .. واليكم التفاصيل :
المشهد الأول :
التاريخ : 1 رمضان ..
عند ما تذهب لتصلي الفجر فإنك تجد في طريقك من تلقى عليه السلام .. وعندما تدخل المسجد لا تكاد تجد موضع لقدم .. فالمسجد قد إمتلأ عن أخره .. ياللروعة .. وعندما تخرج في الصباح للجامعة أو العمل أو الشارع فإنك تجد الناس وجوههم طلقة .. وأخلاقهم سمحة .. سبحان الله !!
هذا سائق الأجرة وقد هذبت أخلاقه وقلمت أظفاره فهاهو يتلطف مع الركاب .. ويتسامح ويتساهل ويتأدب مع زملائه ..
وها هو الرجل يؤذي أخيه .. فيتبسم و يقول له : إني أمرؤاً صائم ويتركه ويذهب في هدوء وسكينة ..
وها أنت لا تكاد ترى رجل ولا امرأة ولا شاب ولا فتاة .. موظف أو طالب أو عامل .. إلا وقد وقع العقد بالصداقة والملازمة مع خير صديق ورفيق يُتخذ .. ألا وهو كتاب الله .. فهاذا يقرأ وهذا يرتل وهذا يحفظ .. وهذا .. وهذا .. الكون كلله يسبح لله ويتضرع ويتعبد ..
وهاهم الفتيات المتبرجات العاريات السافرات الباليات المائلات المميلات اللاهيات الغافلات .. وقد تحرك بداخلهم منادي الله ووازع الإيمان .. فتسربلوا وتستروا ببعض الثياب بعد أن عاد اليهم شئ من ماء الحياء من الله ..
فيالها من مشاهد ومناظر روحانية عجيبة .. فالمساجد ممتلئة عن أخرها في جميع الأوقات .. والطرق مليئة بالخير والمحبة والطاعات .. والألسنة لاهجة والقلوب ذاكرة والعيون والجوارح خاضعة .. فياله من شهر عجيب .. يهذب النفوس .. ويقلم الأظفار .. نعم في هذا الشهر ترى شيئاً من بقايا الإسلام في قلوب وأفعال ابنائه .. وهذا هو الحال طوال الشهر حتى اليوم قبل الأخير ..
فإذا جاء أخر الشهر .. تنقلب الصورة وتتباين .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
المشهد الثاني :
التاريخ : أخر يوم في شهر رمضان ..
عندما تخرج لصلاة الفجر لا تجد في طريقك من يرد عليك السلام سوى الجدران والأشجار والأعمدة الكهربائية ..
وعندما تدخل إلى المساجد يرتد إليك بصرك خاسئاً حسيرا .. حيث تجدها خاوية على عروشها تشكي إلى ربها ممن هجروها .. أين عمار المساجد ؟؟ أين أهل الفجر ؟؟ تفرك عينيك تقلبها يمنةً ويسرة .. لا فائدة .. حسرة وأي حسرة ..
فيأتي العيد .. فتجدهم يحتفلون احتفالات صاخبة مختلطة ويبددون أموالاً طائلة .. ويمرحون ويلعبون ويغنون ويرقصون ..
وتراهم وقد تبدلت أخلاقهم وطالت أظفارهم .. فالسائق يشج رأس زميله .. وأخر يسب هذا بأبيه .. وأخر يلعن جد هذا ..
وهذا رجل يسأل أخيه حاجة فيصب عليه وابل من الكلمات الفاضحة المقذعة المخزية .. وهذا ... وهذا .... تجد الناس وكأنهم غير الناس .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
أين عمار المساجد ؟؟ أين المصلين ؟ المساجد تئن من انقطاع المصلين .. والجماعات تشكو من امتناع الغافلين الساهين اللاهين ..
وهاهم الفتيات المتبرجات .. وقد انتهت الأجازة .. وأخرجوا قاذورتهم العفنة السافرة من الخزائن .. فهذه تلبس المشقوق .. والأخرى تلبس العاري .. وهذه تلبس الضيق .. وهذه لا تلبس شيئاً .. ويا حسرةً على بنات المسلمين الغافلات .. وشباب المسلمين الذي يتقلى ويتحرق على الجمر ..
ياقوم !! لما الغدر ؟ وقد عرف عن الإنسان طبيعة الغدر .. إلا من رحم ربي القليل من أصحاب الدين .. يا غدار !!! يا رفيق الفجار !! أين رفيقك الذي اتخذته في رمضان ؟؟ أين صديقك الذي لزمته ولزمك طيلة الشهر ؟؟ أُخي حبيبي أين مصحفك ؟؟ أين تلاوتك للقرأن ؟؟ أين مناجاتك للرحمن ؟؟
وأسفااااااااااااااااااااااه على كتاب الله .. واحزناااااااااااااااااااه على كلام الله .. لقد عادت المصاحف إلى الأدراج وقد خرجت من قريب .. لقد عادت المصاحف إلى الأرفف .. لقد عادت المصاحف إلى الزوايا لتقوم بوظيفتها الأخرى كديكور للأثاث والصالونات .. نعم لقد بدأت المصاحف تستقبل ذرات التراب معلنة رحيل شهر التوبة والمغفرة والرحمات .. ما عدنا نرى المصاحف إلا معلقة على صدور العاريات السافرات .. وموضوعه في طابلونات السيارات وخلف الزجاج وأمام المرايات .. وفي الواجهات الزجاجية للمحلات والباترينات ..
عباد الله .. اتقوااااااااا الله واحذروا أن تكونوا من المدرجين في القائمة !! وأي قائمة هي ؟؟ لبئس القائمة هي .. انها القامة السوداء .. نعم البلاك ليست .. وما أدراك ماهي .. هي قائمة يشتكي فيها حبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم ممن هجروا القرأن وفعلوا به فعلتهم .. يا عبد الله لا ترضى بأن يشكوك أحد من الخلق - أحسبك كذلك - ولا تحب ذلك .. فما بالك أن من يشكوك هو رسول الله .. وإلى من يشكوك ؟؟ يشكوك إلى رب العالمين .. ملك الملوك .. ذو القوة والجبروت !! فيقول صلى الله عليه وسلم : ( ياربي إن قومي إتخذوا هذا القرأن مهجورا) ..
فياللحسرة .. وياللندامة .. وياللخيبة .. ان كان هذا حالك يا عبد الله بعد رمضان .. كيف لا تتحسر وقد تبين لك انك من المحرومين !! كيف لا تتحسر وقد تبين لك ان صومك غير مقبول عند رب العالمين !!
أخي .. ان كان هذا حالك .. ابك على نفسك .. وابك على تمريغ انفك في التراب .. قال صلى الله عليه وسلم : " رغم أنف إمرئِ أدرك رمضان ولم يغفر له " .. ولو غفر الله لك لما كان هذا حالك .. ابك على خسرانك في شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار ..
فإن لم يغفر الله لك في رمضان فمتى ؟؟ إن لم يرحمك الله في هذا الشهر فمتى ؟؟ إن لم تعتق رقبتك من النار في رمضان فمتى ؟؟
فستذكرون ما أقول لكم ..
وحدثتني نفسي أني .. أثقلت الكلام .. وأطالت الملام .. وٌكدرت المنام .. فما هو السبيل ؟؟
ولا سبيل إلا أن نسأل الله التثبيت .. ومن ذلك وقفات مع النفس نحاسبها ونراجعها بعد رمضان .. لعلها تكون شافية ووافية وكافية .. نرفقها إن شاء الله .. إن قدر الله لنا البقاء .. وكتب لنا اللقاء ..
...............